هل الموت يتطلب الحياة؟

تسألني بنتي -عمرها ٤سنوات- عن الولادة، وسؤالها تحديداً، هل الموت يأتي قبل الحياة؟ طبعاً، تعتقدون أنّي أبالغ في جعلها فيلسوفة تفكر كأكبر الفلاسفة، ولكنها حقيقة سألتني عن أخيها المولود حديثاً، وهل كان ميتاً قبل ان ألده؟ نعم هي إعادة صياغة الأمور والتي جعل من سؤالها بشكله الأول سؤالاً فلسفياً معقداً. لكنّ كلّ ما في الأمر هو أنها طفلة تمارس التفكر والتأمل بالأفكار بدون أن تنظر إلى النقطة التي انتهى إليها الآخرون.

هذا الموقف جعلني أتأمل بحثي عن الالهام في الكتب، وفي السفر، والقهوة، والأفلام، والموسيقى، والكثير من الملهمات التي عُلّمنا أو بالأصح رأينا الآخرين يقفون عندها وأكملنا من بعدهم، في انها تخلق الإلهام، ولكني لم أستفد منها سوى قصاصات بسيطة لاتكاد تكفي لأن أكتب حرفاً أو أرسم خطاً. عندها أقرر الاستسلام، وأتخلى عن خلوتي، وأحضّر العشاء لي ولصغيرتي، ونبدأ باسم الله، ثم نسولف، تسألني وأحاول أن أجيبها، أسئلة مشابهة أحاول اجابتها بدون أن ألقي لها بالاً، وبعد العشاء أعود لخلوتي، وأسمع موسيقى لشاماميان، وتتدفق الأفكار بدون توقف. وكنت اعتقد ان مصدر الهامي هو اغنية او اثنين، ولكن في الحقيقة ومؤخراً أدركت انها جلستي البسيطة مع ابنتي وأسئلتها، وسأتخلى قليلاً عن هالة الأمومة، فهذه الصفة بالتفكير لاتخص ابنتي فقط، وانما هي هبة الأطفال، فلهم قدرات تأملية تستطيع اعادة تشكيل افكارنا التي باتت تتشابه والتي ولدت الانكار لكل ماهو مختلف، عندما فقط نحاول أن نجيب أسئلتهم ونفكر كيف سيفهمون أجوبتنا، وكيف نجيبهم بدون أن نجعلهم يتوقفون عن التفكير، وكيف لانعلمهم التفكير وإنما نوجههم فقط وذلك لأن التفكير فطرة بشرية كالإيمان.

وكان جوابي: لم يكن ميتاً لأن الموت يأتي بعد الحياة، وهو لم يحيا بعد. لكن هذا كله بمنظورنا، قد يكون خارج إطار رؤيتنا حياً ومات لألده ويصبح أخاً لكِ. وبعد إجابتي صرت أتفكر بسؤال جعلته عنواناً للتدوينة.

الإعلان

من جديد.

لم أتخيل يوماً أن تنمو في داخلي رغبة لحوحة لممارسة الكتابة، فلطالما اعتقدت أنّي على عداء دائم مع الكلمة، ولكن يبدو أننا توصلنا لحالة من السلم التي آمل أن لاتكون مؤقتة.

حدث لي مؤخراً أن فقدت مدونتي السابقة “تأملات فنانة وأم”، ورغم قلة المتابعين، الا أنني افتقدت المحتوى حيث كان حساساً جداً بالنسبة لي، ومع ذلك فقد قلل من استيائي كوني ومنذ مدة طويلة نسبياً، صرت أقلل ارتباطي بالأشياء، وأزيد ارتباطي بمشاعري تجاه هذه الأشياء. فالذاكرة بعد تأمل طويل علمت أنها لاتحتفظ بالمشاعر، ولكنها تحتفظ بالأحداث التي تستحث المشاعر. واليوم بعد أن انتهيت ارتباطي بالعديد من البرامج التي عادة ماتساعدني في ترجمة أفكاري، قررت إعادة بناء المدونة، ولكن هذه المرة على دومين الورد بريس، بدون تكلف وبدون اسم. وأيضاً بدون هوية.

أخيراً ولأن هذه تدوينة البداية، فلا أعدكم شيئاً سوى انها ستكون تدوينات بهدف التوثيق المرجعيّ لي.