وباء الميناماتا

مرض ميناماتا ، الذي يشار إليه أحيانًا بمرض تشيسو ميناماتا ، هو مرض عصبي ناتج عن التسمم الحاد بالزئبق. تشمل العلامات والأعراض ترنح ، وخدر في اليدين والقدمين ، وضعف عام للعضلات ، وفقدان الرؤية المحيطية ، وتلف السمع والكلام. في الحالات القصوى ، يحدث الجنون والشلل والغيبوبة والموت في غضون أسابيع من ظهور الأعراض. يمكن أن يؤثر الشكل الخلقي للمرض أيضًا على الأجنة في الرحم ، وقد يتسبب في الإصابة بالشلل الدماغي.

تم اكتشاف مرض ميناماتا لأول مرة في مدينة ميناماتا بمحافظة كوماموتو باليابان في عام 1956 ، ومن هنا جاء اسمه. وقد نتج عن إطلاق ميثيل الزئبق في مياه الصرف الصناعي من مصنع كيميائي مملوك لشركة تشيسو ، والذي استمر من عام 1932 إلى عام 1968. هذه المادة الكيميائية شديدة السمية تتراكم بيولوجياً وتتضخم بيولوجياً في المحار والأسماك في خليج ميناماتا وبحر شيرانوي ، والتي ، عندما يأكلها السكان المحليون ، تؤدي إلى التسمم بالزئبق. بينما استمرت وفيات القطط والكلاب والخنازير والبشر لمدة 36 عامًا ، لم تفعل شيسو وحكومة محافظة كوماموتو سوى القليل لمنع الوباء. كانت التأثيرات على الحيوانات شديدة بما يكفي في القطط لدرجة أنها سميت بأنها مصابة “بحمى القطط الراقصة”.

اعتبارًا من مارس 2001 ، تم الاعتراف رسميًا بـ 2265 ضحية على أنهم مصابون بمرض ميناماتا (توفي منهم 1784) وتلقى أكثر من 10000 تعويضًا ماليًا من شيسو. بحلول عام 2004 ، دفعت شركة شيسو 86 مليون دولار أمريكي كتعويض ، وفي نفس العام صدر أمر بتنظيفها من التلوث.

من عام 1978 قامت العديد من الحركات المناهضة على الشركة، للاعتراف بالمرض والوباء. وفي عام 1986 اعترفت منظمة الصحة العالمية بالمرض الوبائي وأقامت عدد من الدراسات وأرسلت فرق مختلفة للبحث في المنطقة. وخلال هذه الفترة، العديد من المصورين كان من اهتمامهم توثيق الحدث والبحث فيه، ومن هنا كان الفلم باسم المرض من بطولة جوني ديب.

الفلم يعرض الان في صالات السينما، عن مصور حرب يعود مجدداً لليابان لا لتوثيق الحرب ولكن لتوثيق جريمة بشعة يرتكبها تجار بحق الناس الذين يعيشون في المنطقة. التمثيل رائع، والاخراج ايضاً.

الإعلان

سالم اكسبريس

سالم اكسبريس هي سفينة ركاب بخط سير من جدة في المملكة العربية السعودية الى سافاجا في مصر وهذا خط السير المعتاد لهذه السفينة التي تم بناؤها بعد الحرب العالمية الثانية خلال الستينات ميلادية وتنقلت بين الشركات المختلفة من الفرنسية للدينمركية حتى استقرت في هذا المسار تابعة لشركة ساماتور التي تستقر بالسويس في مصر، غرفت السفينة في البحر الأحمر عام ١٩٩١م، وتسبب غرقها إثارة ضجة كبيرة نظراً للخسائر العظيمة في الأرواح، بلغت ٤٧٠ شخص، غرقت السفينة بعد اصطدامها بالشعب المرجانية خلال عاصفة ليلة شتوية. حيث يقول السجل الرسمي: أثناء اقترابه من سفاجا في منتصف الليل وفي ظل طقس عاصف ، أخذ الربان طريقاً مختصراً غير مصرح به للمرور ليلاً. اصطدمت العبارة بشعاب مرجانية وغرقت في غضون ٢٠ دقيقة.

حطام السفينة حتى اليوم موجود على عمق ٣٢ متر في قاع البحر الأحمر، إلا الغوص لهذه المنطقة ممنوع بسبب الجدل الذي حصل على الغواصين الذين لايعودون من السفينة، ومن يعود يتعرض لظروف نفسية غير مبررة، على الرغم من ذلك هنالك عدد من الرحلات المحلية التي تعمل في هذه المنطقة، بالرغم من أنهم يحذرون الغواصين قبل الشروع بالغوص لرؤية حطام السفينة، وأيضاً يحذرونهم من الدخول وتفقد الحطام.

وهذه القصة هي الملهمة للفلم المصري “ماكو” الذي يتحدث عن شركة انتاج أفلام وثائقية مصرية، تحاول عمل فلم وثائقي عن قصة حقيقية حدثت لغواصين قاموا بزيارة الحطام وتصف ماواجهوه من مشاكل خلال رحلتهم. الفلم من اخراج هشام الرشيدي، وانتاج محمد الشريف، وتمثيل مجموعة من الشباب المصري، أبرزهم نيكولا معوض، ناهد السباعي، بسمة منذر، سارة الشامي. ومن المعلومات التي قرأتها بالبحث، هو أن الممثلة ناهد تعرضت لحادث غرق خلال التصوير وتم انقاذها. الفلم رائع، اخراجاً وانتاجاً وتمثيلاً. مستوى فني عظيم. يعرض خالياً بصالات السينما.

25 مليون دولار

قضية في عام ٢٠١٢ ضد ثلاث ربات بيوت أمريكيات في فينكس، بالاحتيال وسرقة مايعادل ٢٥ مليون دولار أمريكي، عبر قسائم الشراء في السوبر ماركت، كانت هذه القضية أول قضية تتم بهذا الشكل على تجار التجزئة، بالرغم من أنها ثغرات بالأنظمة، إلا أن هولاء النساء قاموا ببعض الاحتيالات التي يعلمن بعدم قانونيتها، ومع ذلك فقد تم اعتقالهن بعد تتبع موقع الكتروني يطلق عليه “سافي شوبر سايت”.

هذه القصة الحقيقية، أدت لانتاج الفلم الكوميدي Queenpins الذي يحاكيها بتعديل بسيط بالتفاصيل، وهو يعرض الآن في صالات السينما، الفلم من اخراج بولابيلي وجاودت، ومن بطولة كريستن بل، كيربي هاول بابتيست. لايخلو من اللقطات المضحكة والجميلة، لطيف جداً مناسب لعطلة نهاية الاسبوع مع العائلة أو الأصدقاء.

وأتمنى لكم نهاية اسبوع سعيدة.

الفتى المتيم والمعلم

اعتدت أن تبدأ صباحاتي وإن كانت متأخرة بالتمارين الصباحية التي يليها كوب قهوة وكتاب في حال لم يكن لدي عمل يتطلب التسليم، وهذا الاسبوع قررت استكمال رواية ” الفتى المتيم والمعلم” والتي بدأتها قبل أشهر وصلت للنصف حيث بدأت التفاصيل تتعاظم، ومن هنا صرت أضيع وسط الرواية أوقات كثر، وقررت ألا أستكمل بهذه الطريقة من القراءة، وبداية هذا الاسبوع رأيت الكتاب مصادفة وتحمست لمعرفة ماذا يحدث لجهان تلميذ المعلم المعماري العظيم سنان. الرواية من تأليف أليف شفق، يكتب اسمها أحياناً شافاك أو شافاق، وأياً كانت الترجمة العربية لاسم إليف، فإن الكاتبة التركية قد استوحذت على فكري منذ قراءتي لرواية قواعد العشق الأربعون، وبعدها حليب أسود، وبعدها قصر الحلوى، والتي بالمناسبة لاتصل لقوة الروايتين الأسبقتين، لكنها رائعة بطريقتها الخاصة، إليف شفق، ولدت لأم دبلوماسية وأب فيلسوف، عاشت مع أمها بعد أن انفصل والداها بعد بلوغها سنة واحدة من العمر، تنقلت بين دول العالم، درست في أمريكا ثم أصبحت محاضرة في جامعة أريزونا في علم الدراسات والأجناس. عادت بعد ذلك إلى تركيا في رحلة مؤقتة ثم تزوجت وانجبت طلفين، بعد الأول أصدرت كتابها الذي هو عبارة عن سيرة ذاتية لها “حليب أسود”.

رواية الفتى المتيم والمعلم، تأريخ للمعماري سنان الذي كان المعمار الأعظم في عهد السلطان سليمان سلطان الدولة العثمانية. هذا المعماري الذي نرى بصمته في كل مكان في اسطنبول، لاسيما أنه هو الذي شيد الجامع السليماني. تتحدث الرواية عن المعلم وتلاميذه، خصوصاً جهان، الذي فقد والده وقرر ان يهرب بعيدا ليكبر ويمتلك اسباب القوة ليصبح التلميذ الأقرب للمعلم الأعظم، حيث تبدأ الرواية بالعبارة الأخاذة: “إلى التلاميذ في كل مكان: لم يخبرنا أحد بأن الحب كان أشق الفنون تعلماً”

هذه الرواية في سردها وتفاصيلها لاتحتوي الكثير من الكلام المنمق، لكنها تحتوي العديد من الدروس العظيمة، الذي ترسخ بذاكرة القارئ، التي تعلمه عبر الاسلوب القصصي، قد تكون في بعض تفاصليها نوعاً ما مملة نظراً للتخصص الدقيق في رعاية الحيوانات أو في اسلوب العيش العثماني والحريم أو في المعمار وتفاصيله، لكنها بمجملها مثل فلم ذات موسيقة مؤلمة تظل تعايشنا حتى بعد انتهاء الفلم.

واذكر هنا بعض الاقتباسات التي استوقفتني:
“أحياناً، لابد أن ينفطر قلبك يابني من أجل أن تزهر روحك”
“إذا فشلت فسوف أفشل بمفردي، ولكن إذا نجحت فسوف ننجح كلنا”
“إن قيمة ايمان الفرد لا تعتمد على متانته وصلابته ، بل على عدد المرات التي سيفقد فيها ذلك الايمان ويبقى قادرا على استعادته”
“في الحياة نعمتين: الكتب والاصدقاء، وعلى المرء ان يمتلك هذين الشيئين على نحو مختلف: اكبر عدد من الكتب وقلة قليلة من الاصدقاء”
“عندما يحدث للمرء تغيّر مفاجئ، فإنّه يتوقّع أنّ العالم أيضًا تغيّر إلى حدّ ما.”
“المعلمون عظماء، لكن الكتب أفضل منهم. فمن يمتلك مكتبة يكون لديه ألف معلم”
“إن مركز الكون ليس في الشرق ولا في الغرب بل هو في المكان الذي يستسلم فيه المرء للحب”

مادام سي جي واكر

كل ما أعرفه عن الأحلام، أنها قد تتحقق. سارة عملت في شبابها عام ١٩٠٠ كامرأة تغسل الثياب، حيث كانت الوظائف النسائية في ذلك العصر ضئيلة جداً، وكان السود في بداية طريق تحررهم، فبعد الحرب الاهلية الامريكية تم تحرير كافة العبيد السود ومنع بيعهم واعتبارهم أحرار، منذ ذلك الحين كان عليهم العمل لكسب قوتهم وإعالة أنفسهم، فكان الوضع صعباً على الذكور بصفتهم معيلين قبل أن يكون على الإناث التفكير بالأمر حتى، كانت الوظائف وقتها محصورة بين العمل كمزارعين في الحقول أو حمّالين، وهذه كانت أعمالهم. حتى بدأ بعضهم بالتميز خلال الأربعون سنة اللاحقة والتخصص والدراسة بصعوبة، وبدأت بعض النساء بإعالة أنفسهن أيضاً بالعمل بمجالات مشابهة مثل الغسيل، الفلاحة، تنظيف المنازل، وغيرها، خلال ذلك لم يكن لديهن الوقت لرؤية أنفسهن ليتمكن من الاهتمام بأنفسهن فكان الوضع على السود عصيباً.

خلال ذلك الوقت لم تكن معاناة سارا مختلفة، فكانت تعمل بغسيل الثياب وتكسب أجراً بسيطاً، خلال ذلك الوقت تساقط شعرها وصارت تبدو رثة المنظر، حتى أنها تعرضت للعنف من قبل زوجها وتركها بسبب شكلها وما آلت إليه رغم كونها تحاول مساعدته في كسب المال. في ذلك الوقت صادفت مصففة شعر سمراء ببشرة أخف من السود قليلاً وشعر أكثر شقرة تسمى ادي تعمل على منتج ينمي الشعر، وجدتها على وشك الانهيار، وقامت بالاعتناء بها مقابل قيام سارا بالغسيل،إلى أن تحسن وضع سارا واستعادت ثقتها بذاتها، وبشغف عظيم بدأت سارا بتطوير وإعادة إنتاج المنتج ليلائم شعر السود أكثر، من أمّية تغسل الثياب إلى رائدة أعمال سوداء في وقت كانت العنصرية في أوجها، وكانت الذكورية تتزعم العنصرية.

حول هذه الشخصية وجدت بالصدفة مسلسلاً على نتفلكس، عبارة عن أربع حلقات، باسم self made يحكي تفاصيل قصتها ومعاناتها، مع السود ذوي الدرجات المختلفة، مع الرجال، مع رجال الأعمال، مع النساء زوجات رجال الأعمال. العمل ملهم جداً، من انتاج نتفلكس، بطولة الرائعة اوكتافيا سبنسر. يستحق المشاهدة.

Re Re

أريثا فرانكلين، مغنية وكاتبة أغاني، تلقب بملكة السول، بدأت أريثا بالغناء بالكنائس عندما كانت صغيرة جداً، فقد كان والدها القسيس، وماتت أمها عندما كانت صغيرة، حتى أنها احترفت تسجيل الترانيم الدينية باستديوات متخصصة في تسجيلات كولومبيا، لكن مع ذلك لم تلاقي نجاحاً تجارياً حتى ١٩٦٦.

أريثا ليست فقط مغنية أو منشدة كنائس، بل هي شخصية قوية وحقوقية، عاشت في بيت مناضل لحقوق السود، وعاصرت الفترة الثورية للمرأة السوداء، كانت من خلال الغناء تساهم في مشاركة المشاكل المشتركة، كتبت هي وأختيها العديد من الاغاني التي تطلب الاحترام والتقدير، تزوجت رجل يحاول إثبات ذاته من خلالها، وتخلت عنه بعدما نشرت مجلة التايمز خبراً عن ضربه لها في أحد الأماكن العامة.

عاصرت فرانكلين العصر الحالي وتوفيت عام ٢٠١٨، بعد أن حصدت العديد من الجوائز ونالت التقدير في الكثير من المؤسسات لمناصرتها ومطالباتها الحقوقية. الفلم وصف حياتها بشكل رائع بتمثيل الممثلة الرائعة جينفر هوستن وإخراج ليزل تومي، يعرض حالياً بصالات السينما، ويستحق المشاهدة.

مدرسة الروابي

شدني الاسم والعنوان كثيراً، مدرسة وبنات أكيد دراما خليجية، خصوصاً إن الممثلات لديهن حدة ملامح ولون بشرة مماثل للسعوديات والكويتيات، فضّلت المسلسل الذي هو من إنتاج نتفلكس لمشاهدته لاحقاً. وعندما شاهدت الحلقة الترويجية، فوجئت بلهجة شامية مختلطة أو ثقيلة نوعاً ما، وهذا رفع نوعاً ما المستوى المتوقع، ولم أميز كونها أردنية إلا بعد بدء الحلقة الأولى، بدأت الحلقة الأولى بلغة ركيكة قد تكون أقرب إلى ترجمة حرفية لبعض العبارات الأجنبية بين المراهقات، لكن جماليات التصوير، الخلفيات الموسيقية المدروسة، الانتاج والإخراج، شجعتني على الاستمرار بالمشاهدة، بدأت الحلقة الأولى، والثانية والثالثة بلا توقف، حتى انتهيت من المسلسل بجلسة واحدة. المسلسل عبارة عن ٦ حلقات كل حلقة تقريباً ساعة، من تأليف وإخراج تيما الشوملي، وإنتاج نتفلكس في ٢٠٢١.

كما هو الحال بطبيعة المدارس عالمياً، حيث يوجد مجموعة لها هيبة وصيت ويتنمرون على آخرين يمثلون الحلقة الأضعف في المدرسة، فيكونون الحلقة الأضعف والأسهل لإثبات الشخصية وزيادة الهيبة للمتنمرين. فتظهر مجموعة طالبات في مدرسة الروابي المخصصة للبنات والتي تعتبر من أفضل المدارس وأرقاها في المنطقة، يتنمرن على فتيات أخريات ومنها تبدأ أحداث المسلسل. تلقي تيما الضوء على عدد من المشاكل والقضايا الاجتماعية في الأردن -وبوجهة نظري يمكن تعميم هذه المشاكل على الدول العربية بشكل عام-.

المسلسل مصنف بعمر ١٦+ بالرغم من عدم وجود مشاهد مخلة أو عنف مباشر، إلا أن لغة الحوار والأسلوب نوعاً ما قد يؤمر سلبياً على بعض المراهقين. ومع ذلك أشيد إيجابياً على إضافة موقع يساعد كل من يتعرض للتنمر مما ذكرني بمسلسل “13 reasons why”، فمن الرائع أن نجد إنتاج إعلامي شبابي يتوجه ويلقي الضوء على هذه الأمور التي قد تؤثر بالمتنمر بهم سلبياً على مدى حياتهم المتبقية.

المسلسل لطيف جداً، بالرغم من بعض الركاكة في السيناريو، وسهولة التوقع للأحداث من المشاهد إلا أنه يظل إنتاج عربي مبهر ويستحق المشاهدة.

Axis Sally

عنوان التدوينة عبارة عن برنامج إذاعي نازي وقت الحرب العالمية الثانية، تقدمه فتاة أمريكية، بالرغم من تعارض المعطيات في هذه العبارة، إلا أنها صحيحة فـ ميلدرد جيلرز ، الأمريكية التي كانت تعيش في ألمانيا قبل أن يتولى النازيون السلطة، وقبل وقوع الحرب العالمية الثانية، كانت تمارس الغناء والتمثيل وكانت قد استقرت لخمس سنوات، وبعد أن استولى هتلر على السلطة وبدأت مظاهر الحرب الاوربية بالاشتعال، استمرت في عملها، وصادف أن سمع صوتها وزير الدعاية في ألمانيا النازية ذلك الوقت، توماس كريتشمان، والذي يعمل مع جوزيف جوبلز سيئ السمعة، فكان يرى أن الكلمة أقوى سلاح بالعالم، لذا فاستخدامها وسط الحرب سيكون ذا مفعول قوي، خصوصاً لو لاقت قبولاً، فوجدا منها شخصية رائعة لبرنامج إذاعي كانت فكرته تقويض الروح المعنوية للقوات الأمريكية عبر صوت أمريكي رقيق. في البداية، شجعت الأمريكيين على البقاء خارج الحرب، حيث أن أمريكا وقتها كانت محايدة سياسياً ولم تتخذ حليفاً. ولكن حياتها انقلبت رأساً على عقب بعد أن اتخذ فرانكلين قراراً بالانضمام لبريطانيا ضد النازيين، حيث أجبرت على استكمال البرنامج وتم الاحتفاظ بجواز سفرها وإجبارها توقيع الولاء للنازيين، ولم يكن أمامها من اختيارات إلا الموت وسط هذه الحرب أو استكمال عملها طواعية.

هذا البرنامج كان حديث الجنود الأمريكان، فكان هو فقرة التسلية وسط الدماء وفقد الأرواح، وأيضاً كان وسيلة للتعرف على الجنود الأحياء والأسرى لدى النازيين، وإيصال أصواتهم إلى أهاليهم. استغلال رغبة الجنود وأهاليهم والتلاعب المشاعري بهم عبر البرنامج، ومحاولات إحباطهم، والتهجم على القرار الأمريكي بالتحالف ضد النازيين، هو أساس القضية التي تم بناءها بعد انتهاء الحرب وخسارة الألمان، وعودة جيلرز لموطنها الأم، ليتم إلقاء القبض عليها وإيقافها ومحاكمتها، ويقوم بدور المحامي الفنان العظيم ال باشينو، الذي لا يبالي بها البتة ثم يتغير توجهه خلال المحاكمة، الفلم يركز على المحاكمة مع مقتطفات للماضي.

الفلم يعرض حالياً بالسينما السعودية تم عرضه بتاريخ ٥ اغسطس ٢٠٢١ فلم جدير بالمشاهدة، فالتصوير وتداخل الأزمان، والتمثيل كله رائع وتقييمي له ٩/١٠.

الحمامة

“حين يتم تجريد المرء من هذه الحرية الأساسية، حرية الانسحاب والاحتجاب عن الناس عند الضرورة فإن كل الحريات الأخرى تصبح عديمة القيمة.”

“كان هذا الشخص لايفعل أي شيء على الاطلاق سوى الاعتماد على شفقة وعطف الآخرين الذين يلقون بالنقود في قلنسوته! لم يكن يبدو يوماً معكر المزاج. حتى في الأيام التي كانت فيها قلنسوته تخلو من أي مال، لم يكن يبدو عليه أنه يعاني أو يخاف أو حتى يمل. دائماً تنضح منه صقة بالنفس ورضى مثيران للغيظ. لقد كان يمثل تجسيداً استفزازياً لجاذبية الحرية وسحرها.”

“ما هي السرعة التي يحتاجها حدوث شيء كهذا؟ أن يفقر المرء ويسقط إلى الحضيض! كم من الوقت تحتاج الدعائم، التي كانت تبدو صلبة، في حياة شخص ما لتتفتت وتهوي؟”

رواية الحمامة من تأليف باتريك زوسكيند، كاتب وروائي ألماني مؤلف رواية العطر التي تم تحويلها إلى فلم تحت إشرافه.

الرواية هي في الحقيقة عبارة عن قصة قصيرة من ٨٠ صفحة، حيث تبدأ بوصف تسلسل الحياة على جوناثان بطل القصة، وكيف آل إلى مآله، ثم تظهر الحمامة التي تسبب له الذعر وتغير مجرى روتينه اليومي.

الحدث اللاإرادي والذي أصاب جوناثان وهو ظهور الحمامة، هو أمر خارج عن قدرته ولا يملك له أي قدرة على التغيير، لكن الأحداث بعد ذلك، هي ردود أفعال لهذا الحدث، استجابته بشكل درامي، واضطراره إلى تغيير توجّه يومه، كلها أحداث اختيارية، لكن الحدث الأهم جعلها تأتي وكأنما نتيجة. هذا التسلسل جعلني ألقي نظرة على الجميع، وكيف أن لكل منّا حمامته الخاصة التي تشقلب عالمه، وتنقله من منطقة الراحة إلى الاضطراب. والفكرة بأننا مهما نظرنا إلى سخافة الخوف الذي سببته “حمامة” فإن هذا لايلغي المشاعر السلبية التي رافقت بطل قصتنا.

بوب ات #popit

يأتي ابني بعمر السنتين يركض مسرعاً يحمل معه لعبة من السيليكون ملونة مقسمة طولياً وفي كل قسم مجموعة من أنصاف الدوائر المرتبة بجوار بعضها البعض، وتلحق به ابنة أخي، التي تكبره بتسعة أشهر لتطالبه بلعبتها التي سرقها منها. وخلال اجتماعنا القادم طلبت أمي مجموعة من اللعبة ذاتها لتوزعها على الجميع.

هذه اللعبة إن صح القول، مشابهة لفكرة التغليف الفقاعي الذي يحمي المنتجات القابلة للكسر، فهي تُشغل اليدين والفكر، هذه اللعبة حالياً تنتشر بشكل سريع جداً، فكيف تم ذلك؟

حاولت البحث لأيام عبر كلمات متعددة ولم أجد أي وسيلة تربطني بالمستكشف لهذه اللعبة أو براءة اختراع، كل ماوجدته أن الانتشار كان عبر وسائل الإعلام (السوشال ميديا) وتحديداً التيك توك من خلال الوسم (#popit) فمن يملك أي معلومة تشفي غليل الفضول لدي في لو كانت هذه اللعبة متصلة بفكرة التغليف الفقاعي (bubble wrap) يدلني.

بالمناسبة خلال البحث وجدت أن هذه اللعبة هي اللعبة التي أنهت ثورة السبينر والذي كان عبارة عن حلقة معدنية تحتوي ثلاث رؤوس، وانتشرت على نطاق واسع جداً أيضاً عبر السوشال ميديا، لكن ما أثار اهتمامي هو أن المخترعة لهذه اللعبة هي أم تحاول شفاء ابنتها فاخترعت لها هذه اللعبة وفعلاً الفتاة أصبحت أفضل حالاً، حيث تدخل تحت تصنيف ألعاب تخفيف التوتر والقلق، فهي تقوم بتركيز التفكير على اشغال اليدين. واستحوذت الأم على الملكية الفكرية الحصرية لمدة أربع سنوات، بدون أن تحصل على أي عائد مالي، ولم تجدد الملكية الفكرية نظراً لعدم قدرتها على تحمل التكلفة، وبعدها بقرابة سنة، ظهرت اللعبة على السوشال ميديا وصارت ضرورة لكل طفل يحملها في كل مكان.

هذه الألعاب التي تستحوذ على التفكير وتشغل الأيادي تصنف كمخففات للقلق والتوتر. وهي تستخدم في بعض أحيانها كتقنيات علاجية.