عندما لا تتحرك الجمادات

أمضيت أسبوعاً أراقب جماداتي، حذائي الذي أخلعه في غير مكانه والذي يظل في المكان ذاته بعد مدة من الزمن ولايعود من تلقاء نفسه لمكانه في الخزانة، شنط المدرسة لأطفالي والتي تبقى بجانب الباب الخرجي، الأواني المتسخة على طاولة الأكل والتي أيضاً هي الأخرى لا تعود للمطبخ، بل وحتى النظيفة منها التي لاتقفز خفية من غسالة المواعين عائدة لأماكنها في الأدراج. كل هذه التفاصيل الصغيرة للجمادات التي بطبيعتها لا تتحرك، المنطقية جداً، كانت منافية للمنطق، بل وأستنكرها لوهلة زمنية قصيرة تليها دهشة وابتسامة ساخرة وكأنّي أقول بداخلي: يفترض أن أندهش وارتعب خوفاً لو فعلا ًتحركت هذه الجمادات، لكنّي في ظل غياب العاملة في بيتنا، صرت أندهش عندما لا تتحرك الجمادات حقاً!

خلال هذه الأفكار استرجعت مسلسلاً في نتفلكس، تحت اسم: Maid، مكوناً من عشر حلقات، عن أم عشرينية لطفلة ، تهرب وابنتها من صديقها السكّير المعنف لها، حيث أن مصدر رزقها هو العمل كمنظمة للمنازل. المسلسل من إنتاج نتفلكس يحكي عن حياة أليكس راسل تقوم بدورها سارة كوالي، وقد رأيتها لأول مرة على شاشات السينما في الفلم الغريب جداً بالنسبة لي، Once upon a time in Hollywood، حازت على جائزة الايمي لأفضل ممثلة لعام ٢٠٢٢. تبدأ أليكس العمل كمنظفة منزلية لإنقاذها وابنتها من التشرد.

يستند المسلسل إلى مذكرات ستيفاني لاند، بنفس العنوان ( Maid: Hard Work, Low Pay, and a Mother’s Will to Survive ). وقد تم إصدار الكتاب في عام 2019 ووصل إلى قائمة نيويورك تايمز لأفضل الكتب مبيعا. على الرغم من تغيير الأسماء للمسلسل، إلا أن الحبكة هي نفسها إلى حد كبير. مثل أليكس، بدأت ستيفاني العمل كخادمة لإعالة نفسها وطفلتها بعد فرارها من علاقة مضطربة. أمضت ستيفاني وستوري 90 يوما في مأوى للمشردين، تكافح من أجل العثور على عمل وغير قادرين على الحصول على منحة رعاية الأطفال نتيجة لبطالتها.

ذكرت ستيفاني عن مذكراتها: “في الكتابة، كنت آمل أن يغير الكتاب الوصمات التي تحيط بالأمهات العازبات، وخاصة أولئك الذين يعيشون في فقر. الوصمات التي تقول إننا نستحق المشقة بطريقة أو بأخرى بسبب القرارات الرهيبة التي اتخذناها للوصول بنا إلى هناك. كنت آمل أن يرى الناس مدى صعوبة عملنا لتغطية نفقاتنا، ومدى حبنا الشديد لأطفالنا. كم نكافح من أجل أن نكون كافيين بينما توبخنا الحكومة، وتخبرنا أننا أصبحنا نعتمد على الأشياء التي يسمونها صدقات، لكن نسميها وسائل للبقاء على قيد الحياة. آمل أيضا أن تبدأ في ملاحظة ملايين العمال الذين ينظفون بشكل خفي بحد متدني جداً للأجور”.

وفعلاً، بالرغم أنّي قد انتهيت من مشاهدة المسلسل مطلع هذه السنة، وتأثرت لحد ما به، نتيجة الاخراج الرائع والتمثيل والانتاج، إلا أنّ العبارة الأخيرة التي ذكرتها ستيفاني ظلت تلاحقني في الفترة الماضية، فكم هو مخيف الاعتياد، اعتياد الوجود أو اللاوجود، أن يكون الأثر هو الفاصل في وجودك، هو الاثبات على عملك وليس ذاتك، وهذه الفكرة المخيفة لاتقتصر فقط على الخدم بل تمتد لكافة أنواع العمال والموظفين، فأنت مجرد رقم للجهة التي تعمل بها، واثرك هو الفعّال والذي يمثّلك، حتى مع محاولة أنسنة الجهات وتحويل الإدارات لفرق عمل، وعوائل، يبقى الموظف لاوجود له بدون عمله، وهنا يبدأ الاضطراب، وتتخبط الحقائق، ويصبح التفكير بحركة الجمادات مخيفاً بل ودليلاً على جماد الانسان وقلة وعيه.

فهل الجمادات هي فعلاً جامدة وغير متحركة؟ أم نحن اعتدنا على جمودها؟ وماذا لو كان هذا العصر هو عصر حركة الجمادات؟ هل سنعتاد على ذلك ياترى؟

الإعلان

أغوجي: أمازونات داهومي

الأغوجي عبارة عن كتيبة عسكرية نسائية من مملكة داهومي والتي كانت موجودة في القرن السابع عشر حتى بدايات القرن العشرين. وهي إحدى الجيوش النسائية القليلة الموثقة في التاريخ. كان ظهورهم نتيجة لسقوط سكان داهومي الذكور ضحايا في الحروب المتكررة بشكل متزايد مع دول غرب أفريقيا المجاورة. و نقص الرجال أدى إلى قيامهم بتجنيد النساء في الجيش.

وفي أواخر القرن التاسع عشر بدأ الأوربيون وتحديداً الفرنسيون بتجارة العبيد من أفريقيا، وبدأت الاشتباكات بينهم وبين الفرنسيين، مما أدى لحدوث معركة خسر على اثرها الافريقيون ويقال انه قتل عدد كبير من جيوش داهومي بما فيهم الاغوجي، مما أدى للرضوخ ببيع شعبهم المستضعف كعبيد مقابل أموال الفرنسيين والانجليز، وبحلول القرن التاسع عشر احتلت المنطقة المملكة الفرنسية وأحلّوا القوات ككل. وكانت ناوي آخر ناجية من الأغوجي، والتي تم مقابلتها من قبل مؤرخ فرنسي في قرية كينتا، التي ذكرت أنها قاتلت الفرنسيين عام ١٨٩٢، وماتت عام ١٩٧٩ وعمرها تجاوز ١٠٠ عام.

كل هذه المقدمة التي بحثت عنها سريعاً بمعلومات متفرقة على الانترنت سببها رغبتي بمشاهدة الفلم الذي لم أشاهد حتى إعلانه للمثلة العظيمة فيولادافيس، بطلة المسلسل الشهير “how to get away with murder” والذي بالمصادفة بقوة تمثيلها نقلت الصورة كما لو كانت طبق الأصل، تحكي عن القصة لهذه القبيلة وللكتيبة بشكل عام وعن تفاصيل أعتقد أنها دراما إضافية للإنتاج، والذي زاد الفيلم جمالاً.

الفلم رأيته بصالات السينما، وأعتقد أنه موجود حالياً على شاشات التلفزيون، يستحق المشاهدة.

Cold Case Hammarskjöld

بداية جائحة كورونا عام ٢٠١٩ حيث بدأت بعض الأخبار تتصاعد عبر شبكات التواصل الاجتماعية، ولم ألق لها بالاً مثل أخبار أخرى تهمّ أصحاب السلطة لا الشعوب، فحبّي للحياة والمعيشة الهانئة لاتتعارض مع التصالح مع فكرة الموت. وعلى كل حال كان التصاعد تدريجياً ولم يتفاقم، أو بالأصح لم ألق له بالاً، إلا في مارس ٢٠٢٠ حين بدأ يُعطّل الحياة ويدخل إجبارياً في تفاصيل حياتنا اليومية، مثل العمل والمدارس عن بعد، والإجراءات الاحترازية مثل القفازات والكمامات، والحجر والعزل، والعديد من المصطلحات التي كان لها تجارب مباشرة مع الأفراد في تلك الفترة، وانتشار الخوف تبعاً لذلك مرتبط ارتباطاً تاماً ببعض الإجراءات والآخر بالمرض الفتّاك الذي صارت أعداده تتزايد كإصابات عالمية ووفيّات. وبالرغم من كل ذلك الخوف إلا أنه كانت لدي القناعة أن التصاعد والتفاقم الإعلامي الذي حدث، إما هو نهاية العالم فعلاً، أو أنه مدروس ومخطط له. وبكلا الحالتين لم أكن إلا شخصاً مسيّراً لا حول له ولاقوّة، ولاحتى أود الخوض في نقاش فكرة المؤامرة، والحروب البيولوجية، فلم يكن لديّ صراحة الاستنادات ولا حتى الأهمية للبحث في ذلك الأمر، فالحياة الحالية لدي أهم من الحياة المستقبلية فسأفعل مايملى علي حين يكون إجباراً أو قد يعطل مسار يومي. وهكذا تعاملت مع الجائحة. ومازلت. أخذت اللقاح الذي لم أكن على قناعة به منذ تم توفيره لسبب واحد، وهو أنه لو كان المرض من عائلة الانفلونزا فهو بالتالي موسمي، وستتكرر اللقاحات، وفعلاً أخذت الأول والثاني والثالث أيضاً. ارتديت الكمامة، والقفازات في بداية الجائحة.

هذه المقدمة على علاقة وثيقة بالعنوان الذي هو عبارة عن فلم وثائقي مدته ساعتين استغرق تصويره ٦ سنوات يحقق منتجيه في موت أمين عام الأمم المتحدة السويدي همرشولد الذي مات إثر تحطم طائرته عام ١٩٦١م في اندولا في زامبيا في أفريقيا (روديسيا سابقاً التي كانت تحت السيطرة البريطانية في ذلك الوقت)، حيث كان في رحلة يسعى فيها للمفاوضة في وقف إطلاق النار وإعادة السلام إلى الكونغو، ويجدر بالذكر أنه كان مسؤولاً عن إرسال وحدة قتالية للقضاء على الجيش الموزنبيقي، وحدث أن تفوق الجيش. فكان مسؤولاً عن حل تلك المسألة. وقيل أن طائرته لم تتحطم وإنّما تم تحطيمها بشكل متعمّد. ويتعلق الفلم بالبحث عن تفاصيل القضية والوثائق التابعة والأسباب الفعلية التي أدت لسقوط الطائرة.

-ولمن يود مشاهدة الوثائقي الأفضل عدم قراءة هذا الجزء- الذي حدث هو انحراف البحث في تفاصيل حطام الطائرة إلى سايمر SAIMR وهي اختصار لـ South Africa Institute for Medical Research الجهة التي قامت بإصدار التقارير الناتجة عن الحادث وتوقيعها، وكان دوماً ماينتهي البحث عند شخص واحد اتفق الجميع أنه يدّعي أنه طبيب ولكنه حقيقة منحرف عقلياً، وله عدد من العيادات في جوهانسبرغ، يوهم الفقراء (السود منهم) بأنه يستطيع علاجهم بمبلغ زهيد. عبر الوثائقي يتم التوصل لشخص يدعى الكساندر جونز، يظهر بشكله وصوته ويدّعي هو أيضاً -مع قدر وفير من المعلومات لديه- أنه كان من الصفوف الأمامية في هذه المنظمة، وأنها منظمة مدعومة عالمياً، وأن هذه المنظمة تنفيذية للسياسات العالمية التي ترغب بها القوى المحركة للعالم. مثل التطهير اللوني، فكان من أهداف هذه المنظمة وصول جنوب أفريقيا -بدءاً- إلى نسبة عالية للسكان البيض على حساب تطعيمات تقدّم بمبالغ زهيدة للسود عبر العيادات التي تم نشرها في أفريقيا، يتم فيها تطعيم السود بمرض الايدز، وهذه حقيقة: مات في أفريقيا ٢٠ مليون شخص بسبب مرض الايدز خلال الـ ٢٠ سنة الماضية فقط. المتحدث قال الكثير عن أهداف مختلفة قاموا بتنفيذها. -انتهى الجزء المتلق بأحداث الفلم-

هنا تراجعت قليلاً إلى الصورة التلميعية لكريستوفر كولومبس، وكيف تحول من قرصاناً إلى رحالة اكتشف أراض جديدة، وبالرغم من معرفة الغالبية العظمى لحقيقة كولومبس، إلا أنه مازال يتم تمجيده على أنه مستكشف ورحالة، بالرغم أنه ورجاله قاموا بأشنع الجرائم تجاه السكان الأصليين للأمريكينين. فلنتوقف قليلاً ونتخيل أن كريستوفر كان أسود البشرة؟

وبالنظر للقضايا العالمية مثل الهولوكوست واسرائيل وفلسطين وقوة الصين وروسيا بمقابل أمريكا، وإيران والشرق الأوسط وفوق كل هذه القضايا علو صوت المثليين اليوم والدعم العالمي السياسي لهم… الخ. كل هذه القضايا تتفق بالتضخيم الإعلامي، وكأنما فعلاً هناك محرك خارجي يدير التحركات في العالم الافتراضي ويتكفل الناس بالبقية، نعم هي نظرية المؤامرة ذاتها، وأعود حيث افتتحت هذه التدوينة، مالذي يمنع من أن يكون الكورونا فكرة حرب بيولوجية؟ مالذي يمنع أن السبب خلف الجائحة هو التطعيم الإجباري؟ ألم نعد بعد التطعيم أقل مناعة وأكثر تعرضاً للمرض؟ ألم تعد الانفلونزا تفتك بالمحيطين بنا بشكل لم تفعل بهم سابقاً؟ أحدثكم الآن وأنا قد عانيت هذا الموسم من العديد من موجات الانفلونزا، علماً أنني لا أشكو من ضيق تنفس أو تعب بالصدر أو أي أمراض مستعصية. هي مجرد فكرة ليس أكثر. الفكرة التي لايستطيع أحد تأكيدها أو دحضها: مالذي يمنعهم؟ وما دوافعهم؟ لكننا نتفق بكل تأكيد أن جشع الإنسان يجعله: “من يفسد فيها ويسفك الدماء”.

Ana

في 23 يناير 1991 في بلدة تابعة للطبقة العاملة جنوب موسكو ولدت فتاة يعمل والدها سائق شاحنة بينما كانت والدتها تمتلك متجرًا صغيرًا. وحين بلوغها من العمر 16 عامًا ، انتقلت عائلتها إلى ألمانيا في الوقت الذي كانت روسيا تعاني من مشاكل اقتصادية جمة. وتبدل الحال لهذه الأسرة حيث أصبح والدها مديرًا تنفيذيًا في شركة نقل حتى أصبحت الشركة معسرة في عام 2013.

اهتمت هذه الفتاة في ظل النفور الاجتماعي الذي حصل لها في مدرسة مختصة بتعلم الألمانية، بالأزياء، فقد كانت ذكية كفاية أن تصبح ذات الشهرة بالمدرسة. تخرجت في 2011، وانتقلت إلى لندن لتعلم الفنون. في عام 2012، تدربت لفترة وجيزة في شركة علاقات عامة في برلين. انتقلت بعدها إلى باريس لتصبح متدربة في مجلة أزياء فرنسية. هذه الفتاة تطلق على نفسها “آنا دلفي”.

في منتصف عام 2013 ، سافرت آنا إلى مدينة نيويورك لحضور أسبوع الموضة في نيويورك. وجدت أنه من الأسهل تكوين صداقات في نيويورك أكثر من باريس -طبعاً! مين يقدر يتصادق مع الفرنسيين- انتقلت بعدها إلى نيويورك وبدأت بفكرة “مؤسسة آنا دلفي” – نادي أعضاء خاص ومؤسسة فنية – وصارت تسعى لكسب العلاقات التي ستساعدها للحصول على القروض والدعم الكافي لبدء مشروعها، ولماذا أتحدث عنها؟ لأنها استطاعت أن تجعل أكبر المهندسين، والفنانين، والمستثمرين يعملون لديها قبل حتى الشروع به كمشروع.

تظاهرت آنا أمام الجميع بأنها وريثة ثرية، في عام 2015 ، التقت بشخصية فنية هامة في حفل عشاء. ورافقته إلى رحلته لبينالي البندقية. وهنا بدأت تتفكك القصص عن الثراء الروسي الذي انتقل لألمانيا، وذلك لعدة أسباب، يتزعمها عدم قدرتها المتكررة على السداد عبر البطاقات الالكترونية، والاكتفاء بالسداد نقداً، بالرغم من ثقل المبالغ التي يتم دفعها. تكرر الذين يلاحظون هذه الملاحظة، ونظراً لكونها تعتمد بشكل كبير على الشبكات الاجتماعية خصوصاً انستقرام، بدأ التداخل يحدث بين من هم يلاحظون هذه الملاحظات عنها. تمثلت أمام القضاء وحكم عليها عام ٢٠١٩ بالسجن ٤-١٢ سنة بتهم الاختلاسات من البنوك وعدم تسديد الديون، وخرجت من السجن عام ٢٠٢١.

آنا

بدأت آنا تصبح شخصية مشهورة بعد مقال كتبته عنها جسيكيا بريسلر، نُشر في مجلة نيويورك. ودفعت نتفلكس ٣٢٠ ألفاً لتحضى بالحصرية لعرض قصتها بمسلسل تم انتاجه عام ٢٠٢٢ فبراير باسم “التحقق من آنا” يحكي قصتها وتفاصيلها منذ بداياتها عبر ٩ حلقات. أيضاً كتبت عنها إحدى المتضررات رايتشل ويليامز التي لم تسدد لهن آنا ديونهن كتاب بعنوان: “صديقتي آنا” وتلقت رايتشل من جهة النشر ٣٠٠ ألف نتيجة لنشر الكتاب. كما وقعت آنا هذه السنة لإنتاج مسلسل تلفزيوني واقعي عن حياتها بعد السجن.

آنا شخصية استثنائية، بالنظر للاختلاسات التي قامت بها، كل الذي فعلته هو خلق صورة عن ذاتها بحيث يطمع رجال الأعمال بالتعامل معها والتكسب من ورثها. أخطؤوا في التكهن، ولم يكسبوا شيئاً، وهنا يحصل الاستياء والمطالبة بالعقوبة على قراراتهم بالثقة بالشخص الخاطئ.

King Richard

من مدة وأنا أنتظر فيلم ويل سميث تحت اسم الملك ريتشارد، ونظراً للعنوان فلم أبحث مسبقاً وظننت أنه تاريخي يتحدث عن فترة في زمن الحروب القديمة المؤرخة، ونظراً لكون البطل ويل سميث فلم أفكر حتى بمشاهدة الارض الترويجي للفلم، ولم أتكلف بالقراءة المسبقة عنه، فخلال أحد المساءات دعتني صديقتي لمشاهدته في السينما صباح اليوم التالي وأجبتها.

الفلم إطلاقاً لا يتحدث عن التاريخ السياسي، وانما التاريخ الرياضي للعبة التنس، أو على الأصح، تغيير التاريخ الرياضي للتنس على يد الرياضيتين الشقيقتين ويليامز.

الشقيقتان ويليامز هما لاعبتا تنس أمريكيتان محترفتان: فينوس ويليامز ولدت عام 1980م، وحصلت على لقب الفائز سبع مرات في البطولات الكبرى، وسيرينا ويليامز أصغر بسنة، وحصلت على لقب الفائز خمس عشرة بطولة في البطولات الكبرى، وقد درّب كلتاهما منذ نعومة أظافرهما والديهما ريتشارد ويليام.

الفلم يمثل بداية تدريب ريتشارد (ويل سميث) لبناته بملاعب متواضعة عامة تتوافق مع قدراته المالية، وكيف استطاع اقناع مدربين على مستوى عالي من الكفاءة بتدريب بناته وإيصالهم للاحتراف. خلال ذلك يتخلله الدراما الأبوية بالخوف على فتياته المراهقات من أثر الشهرة والإعلام.

الفلم رائع جداً! تقييمه ١٠/١٠ للتسلسل بالأحداث، وللاخراج والانتاج، والتفاصيل التي ماكان ليتقنها غير ويل سميث. يعرض حالياً بالسينما ويستحق المشاهدة.

وباء الميناماتا

مرض ميناماتا ، الذي يشار إليه أحيانًا بمرض تشيسو ميناماتا ، هو مرض عصبي ناتج عن التسمم الحاد بالزئبق. تشمل العلامات والأعراض ترنح ، وخدر في اليدين والقدمين ، وضعف عام للعضلات ، وفقدان الرؤية المحيطية ، وتلف السمع والكلام. في الحالات القصوى ، يحدث الجنون والشلل والغيبوبة والموت في غضون أسابيع من ظهور الأعراض. يمكن أن يؤثر الشكل الخلقي للمرض أيضًا على الأجنة في الرحم ، وقد يتسبب في الإصابة بالشلل الدماغي.

تم اكتشاف مرض ميناماتا لأول مرة في مدينة ميناماتا بمحافظة كوماموتو باليابان في عام 1956 ، ومن هنا جاء اسمه. وقد نتج عن إطلاق ميثيل الزئبق في مياه الصرف الصناعي من مصنع كيميائي مملوك لشركة تشيسو ، والذي استمر من عام 1932 إلى عام 1968. هذه المادة الكيميائية شديدة السمية تتراكم بيولوجياً وتتضخم بيولوجياً في المحار والأسماك في خليج ميناماتا وبحر شيرانوي ، والتي ، عندما يأكلها السكان المحليون ، تؤدي إلى التسمم بالزئبق. بينما استمرت وفيات القطط والكلاب والخنازير والبشر لمدة 36 عامًا ، لم تفعل شيسو وحكومة محافظة كوماموتو سوى القليل لمنع الوباء. كانت التأثيرات على الحيوانات شديدة بما يكفي في القطط لدرجة أنها سميت بأنها مصابة “بحمى القطط الراقصة”.

اعتبارًا من مارس 2001 ، تم الاعتراف رسميًا بـ 2265 ضحية على أنهم مصابون بمرض ميناماتا (توفي منهم 1784) وتلقى أكثر من 10000 تعويضًا ماليًا من شيسو. بحلول عام 2004 ، دفعت شركة شيسو 86 مليون دولار أمريكي كتعويض ، وفي نفس العام صدر أمر بتنظيفها من التلوث.

من عام 1978 قامت العديد من الحركات المناهضة على الشركة، للاعتراف بالمرض والوباء. وفي عام 1986 اعترفت منظمة الصحة العالمية بالمرض الوبائي وأقامت عدد من الدراسات وأرسلت فرق مختلفة للبحث في المنطقة. وخلال هذه الفترة، العديد من المصورين كان من اهتمامهم توثيق الحدث والبحث فيه، ومن هنا كان الفلم باسم المرض من بطولة جوني ديب.

الفلم يعرض الان في صالات السينما، عن مصور حرب يعود مجدداً لليابان لا لتوثيق الحرب ولكن لتوثيق جريمة بشعة يرتكبها تجار بحق الناس الذين يعيشون في المنطقة. التمثيل رائع، والاخراج ايضاً.

سالم اكسبريس

سالم اكسبريس هي سفينة ركاب بخط سير من جدة في المملكة العربية السعودية الى سافاجا في مصر وهذا خط السير المعتاد لهذه السفينة التي تم بناؤها بعد الحرب العالمية الثانية خلال الستينات ميلادية وتنقلت بين الشركات المختلفة من الفرنسية للدينمركية حتى استقرت في هذا المسار تابعة لشركة ساماتور التي تستقر بالسويس في مصر، غرفت السفينة في البحر الأحمر عام ١٩٩١م، وتسبب غرقها إثارة ضجة كبيرة نظراً للخسائر العظيمة في الأرواح، بلغت ٤٧٠ شخص، غرقت السفينة بعد اصطدامها بالشعب المرجانية خلال عاصفة ليلة شتوية. حيث يقول السجل الرسمي: أثناء اقترابه من سفاجا في منتصف الليل وفي ظل طقس عاصف ، أخذ الربان طريقاً مختصراً غير مصرح به للمرور ليلاً. اصطدمت العبارة بشعاب مرجانية وغرقت في غضون ٢٠ دقيقة.

حطام السفينة حتى اليوم موجود على عمق ٣٢ متر في قاع البحر الأحمر، إلا الغوص لهذه المنطقة ممنوع بسبب الجدل الذي حصل على الغواصين الذين لايعودون من السفينة، ومن يعود يتعرض لظروف نفسية غير مبررة، على الرغم من ذلك هنالك عدد من الرحلات المحلية التي تعمل في هذه المنطقة، بالرغم من أنهم يحذرون الغواصين قبل الشروع بالغوص لرؤية حطام السفينة، وأيضاً يحذرونهم من الدخول وتفقد الحطام.

وهذه القصة هي الملهمة للفلم المصري “ماكو” الذي يتحدث عن شركة انتاج أفلام وثائقية مصرية، تحاول عمل فلم وثائقي عن قصة حقيقية حدثت لغواصين قاموا بزيارة الحطام وتصف ماواجهوه من مشاكل خلال رحلتهم. الفلم من اخراج هشام الرشيدي، وانتاج محمد الشريف، وتمثيل مجموعة من الشباب المصري، أبرزهم نيكولا معوض، ناهد السباعي، بسمة منذر، سارة الشامي. ومن المعلومات التي قرأتها بالبحث، هو أن الممثلة ناهد تعرضت لحادث غرق خلال التصوير وتم انقاذها. الفلم رائع، اخراجاً وانتاجاً وتمثيلاً. مستوى فني عظيم. يعرض خالياً بصالات السينما.

25 مليون دولار

قضية في عام ٢٠١٢ ضد ثلاث ربات بيوت أمريكيات في فينكس، بالاحتيال وسرقة مايعادل ٢٥ مليون دولار أمريكي، عبر قسائم الشراء في السوبر ماركت، كانت هذه القضية أول قضية تتم بهذا الشكل على تجار التجزئة، بالرغم من أنها ثغرات بالأنظمة، إلا أن هولاء النساء قاموا ببعض الاحتيالات التي يعلمن بعدم قانونيتها، ومع ذلك فقد تم اعتقالهن بعد تتبع موقع الكتروني يطلق عليه “سافي شوبر سايت”.

هذه القصة الحقيقية، أدت لانتاج الفلم الكوميدي Queenpins الذي يحاكيها بتعديل بسيط بالتفاصيل، وهو يعرض الآن في صالات السينما، الفلم من اخراج بولابيلي وجاودت، ومن بطولة كريستن بل، كيربي هاول بابتيست. لايخلو من اللقطات المضحكة والجميلة، لطيف جداً مناسب لعطلة نهاية الاسبوع مع العائلة أو الأصدقاء.

وأتمنى لكم نهاية اسبوع سعيدة.

مادام سي جي واكر

كل ما أعرفه عن الأحلام، أنها قد تتحقق. سارة عملت في شبابها عام ١٩٠٠ كامرأة تغسل الثياب، حيث كانت الوظائف النسائية في ذلك العصر ضئيلة جداً، وكان السود في بداية طريق تحررهم، فبعد الحرب الاهلية الامريكية تم تحرير كافة العبيد السود ومنع بيعهم واعتبارهم أحرار، منذ ذلك الحين كان عليهم العمل لكسب قوتهم وإعالة أنفسهم، فكان الوضع صعباً على الذكور بصفتهم معيلين قبل أن يكون على الإناث التفكير بالأمر حتى، كانت الوظائف وقتها محصورة بين العمل كمزارعين في الحقول أو حمّالين، وهذه كانت أعمالهم. حتى بدأ بعضهم بالتميز خلال الأربعون سنة اللاحقة والتخصص والدراسة بصعوبة، وبدأت بعض النساء بإعالة أنفسهن أيضاً بالعمل بمجالات مشابهة مثل الغسيل، الفلاحة، تنظيف المنازل، وغيرها، خلال ذلك لم يكن لديهن الوقت لرؤية أنفسهن ليتمكن من الاهتمام بأنفسهن فكان الوضع على السود عصيباً.

خلال ذلك الوقت لم تكن معاناة سارا مختلفة، فكانت تعمل بغسيل الثياب وتكسب أجراً بسيطاً، خلال ذلك الوقت تساقط شعرها وصارت تبدو رثة المنظر، حتى أنها تعرضت للعنف من قبل زوجها وتركها بسبب شكلها وما آلت إليه رغم كونها تحاول مساعدته في كسب المال. في ذلك الوقت صادفت مصففة شعر سمراء ببشرة أخف من السود قليلاً وشعر أكثر شقرة تسمى ادي تعمل على منتج ينمي الشعر، وجدتها على وشك الانهيار، وقامت بالاعتناء بها مقابل قيام سارا بالغسيل،إلى أن تحسن وضع سارا واستعادت ثقتها بذاتها، وبشغف عظيم بدأت سارا بتطوير وإعادة إنتاج المنتج ليلائم شعر السود أكثر، من أمّية تغسل الثياب إلى رائدة أعمال سوداء في وقت كانت العنصرية في أوجها، وكانت الذكورية تتزعم العنصرية.

حول هذه الشخصية وجدت بالصدفة مسلسلاً على نتفلكس، عبارة عن أربع حلقات، باسم self made يحكي تفاصيل قصتها ومعاناتها، مع السود ذوي الدرجات المختلفة، مع الرجال، مع رجال الأعمال، مع النساء زوجات رجال الأعمال. العمل ملهم جداً، من انتاج نتفلكس، بطولة الرائعة اوكتافيا سبنسر. يستحق المشاهدة.

Re Re

أريثا فرانكلين، مغنية وكاتبة أغاني، تلقب بملكة السول، بدأت أريثا بالغناء بالكنائس عندما كانت صغيرة جداً، فقد كان والدها القسيس، وماتت أمها عندما كانت صغيرة، حتى أنها احترفت تسجيل الترانيم الدينية باستديوات متخصصة في تسجيلات كولومبيا، لكن مع ذلك لم تلاقي نجاحاً تجارياً حتى ١٩٦٦.

أريثا ليست فقط مغنية أو منشدة كنائس، بل هي شخصية قوية وحقوقية، عاشت في بيت مناضل لحقوق السود، وعاصرت الفترة الثورية للمرأة السوداء، كانت من خلال الغناء تساهم في مشاركة المشاكل المشتركة، كتبت هي وأختيها العديد من الاغاني التي تطلب الاحترام والتقدير، تزوجت رجل يحاول إثبات ذاته من خلالها، وتخلت عنه بعدما نشرت مجلة التايمز خبراً عن ضربه لها في أحد الأماكن العامة.

عاصرت فرانكلين العصر الحالي وتوفيت عام ٢٠١٨، بعد أن حصدت العديد من الجوائز ونالت التقدير في الكثير من المؤسسات لمناصرتها ومطالباتها الحقوقية. الفلم وصف حياتها بشكل رائع بتمثيل الممثلة الرائعة جينفر هوستن وإخراج ليزل تومي، يعرض حالياً بصالات السينما، ويستحق المشاهدة.