في 23 يناير 1991 في بلدة تابعة للطبقة العاملة جنوب موسكو ولدت فتاة يعمل والدها سائق شاحنة بينما كانت والدتها تمتلك متجرًا صغيرًا. وحين بلوغها من العمر 16 عامًا ، انتقلت عائلتها إلى ألمانيا في الوقت الذي كانت روسيا تعاني من مشاكل اقتصادية جمة. وتبدل الحال لهذه الأسرة حيث أصبح والدها مديرًا تنفيذيًا في شركة نقل حتى أصبحت الشركة معسرة في عام 2013.
اهتمت هذه الفتاة في ظل النفور الاجتماعي الذي حصل لها في مدرسة مختصة بتعلم الألمانية، بالأزياء، فقد كانت ذكية كفاية أن تصبح ذات الشهرة بالمدرسة. تخرجت في 2011، وانتقلت إلى لندن لتعلم الفنون. في عام 2012، تدربت لفترة وجيزة في شركة علاقات عامة في برلين. انتقلت بعدها إلى باريس لتصبح متدربة في مجلة أزياء فرنسية. هذه الفتاة تطلق على نفسها “آنا دلفي”.
في منتصف عام 2013 ، سافرت آنا إلى مدينة نيويورك لحضور أسبوع الموضة في نيويورك. وجدت أنه من الأسهل تكوين صداقات في نيويورك أكثر من باريس -طبعاً! مين يقدر يتصادق مع الفرنسيين- انتقلت بعدها إلى نيويورك وبدأت بفكرة “مؤسسة آنا دلفي” – نادي أعضاء خاص ومؤسسة فنية – وصارت تسعى لكسب العلاقات التي ستساعدها للحصول على القروض والدعم الكافي لبدء مشروعها، ولماذا أتحدث عنها؟ لأنها استطاعت أن تجعل أكبر المهندسين، والفنانين، والمستثمرين يعملون لديها قبل حتى الشروع به كمشروع.
تظاهرت آنا أمام الجميع بأنها وريثة ثرية، في عام 2015 ، التقت بشخصية فنية هامة في حفل عشاء. ورافقته إلى رحلته لبينالي البندقية. وهنا بدأت تتفكك القصص عن الثراء الروسي الذي انتقل لألمانيا، وذلك لعدة أسباب، يتزعمها عدم قدرتها المتكررة على السداد عبر البطاقات الالكترونية، والاكتفاء بالسداد نقداً، بالرغم من ثقل المبالغ التي يتم دفعها. تكرر الذين يلاحظون هذه الملاحظة، ونظراً لكونها تعتمد بشكل كبير على الشبكات الاجتماعية خصوصاً انستقرام، بدأ التداخل يحدث بين من هم يلاحظون هذه الملاحظات عنها. تمثلت أمام القضاء وحكم عليها عام ٢٠١٩ بالسجن ٤-١٢ سنة بتهم الاختلاسات من البنوك وعدم تسديد الديون، وخرجت من السجن عام ٢٠٢١.

بدأت آنا تصبح شخصية مشهورة بعد مقال كتبته عنها جسيكيا بريسلر، نُشر في مجلة نيويورك. ودفعت نتفلكس ٣٢٠ ألفاً لتحضى بالحصرية لعرض قصتها بمسلسل تم انتاجه عام ٢٠٢٢ فبراير باسم “التحقق من آنا” يحكي قصتها وتفاصيلها منذ بداياتها عبر ٩ حلقات. أيضاً كتبت عنها إحدى المتضررات رايتشل ويليامز التي لم تسدد لهن آنا ديونهن كتاب بعنوان: “صديقتي آنا” وتلقت رايتشل من جهة النشر ٣٠٠ ألف نتيجة لنشر الكتاب. كما وقعت آنا هذه السنة لإنتاج مسلسل تلفزيوني واقعي عن حياتها بعد السجن.
آنا شخصية استثنائية، بالنظر للاختلاسات التي قامت بها، كل الذي فعلته هو خلق صورة عن ذاتها بحيث يطمع رجال الأعمال بالتعامل معها والتكسب من ورثها. أخطؤوا في التكهن، ولم يكسبوا شيئاً، وهنا يحصل الاستياء والمطالبة بالعقوبة على قراراتهم بالثقة بالشخص الخاطئ.